جنرال موريتانيا المنصّب يتوعد الحقوقيين

الجنرال عزيز

احتضن الملعب الألومبي السبت الماضي الثاني من أغسطس احتفالا أقامه الجنرال محمد ولد عبد العزيز بهدف تنصيبه بعد عملية هزلية سمّوها انتخابات رئاسية ، وكانت لجنة شكلها النظام الحاكم للإعداد لهذا الإحتفال سعت جاهدة لدعوة أكبر عدد من رؤساء العالم للحضور لهذا الإحتفال، لكن هذه التحضيرات لم تسفر عن أي حضور لرؤساء مهمين أو أي تمثيل رفيع المستوى لدول مشهود لها بالديمقراطية. انقضت إذا مسرحية تنصيب رئيس الإتحاد الإفريقي كما يحب التلفزيون الرسمي وزبانيته تسميته أو رئيس الإسلام كما سماه أحد الفقهاء البارزين الذين دأبت الأنظمة العسكرية المتعاقبة على تدجينهم خدمة لأهدافها كلما دعت الضرورة لذلك، لكن كان من أبرز النقاط التي أثارت انتقادات اتهامه لمنظمات حقوقية برزت محليا واتسعت إلى النطاق الدولي بأنها تسعى لتفكيك الوحدة الوطنية وسيقف في وجهها بكل حزم، حيث قال الجنرال:  ( .. سنتصدى بحزم لدعاة النعرات العنصرية والشرائحية والفئوية والقبلية التي تهدد بتفكيك نسيجنا الاجتماعي ولحمتنا الوطنية )، هذه الجملة بالذات اضطرت ما يعرف ” بحِرَاك لِمْعَلْمِينْ ” لإصدار بيان ندد فيه باتهامهم بهذه الأوصاف ووصفوه بأنه مجانب للحقيقة لأنهم في حراكهم يركزون على أهمية الوحدة الوطنية والحوزة الترابية كما أنهم يدعون لدولة القانون والمساواة لا دولة التفرقة والعنصرية وهم في ذلك يسعون لنيل حقوق شريحتهم المهمشة ، نفس الموقف تبنته منظمة إيرا الحقوقية التي عبرت في بيان أصدرته عن استغرابها من هذا الخطاب ووصفت ما قاله الجنرال ولد عبد العزيز بأنه لا يعدو كونه عبارات جوفاء إذ  لم يخرج عن عادته في تقديم خطابات لا محتوى لها ولا طموح ولا قصد من ورائها، بل كلها تهديد وزجر ووعيد بدل تقديم خطط تنموية جادة لتجاوز معاناتهم وتقديم حلول مستديمة تقتلع وتجتث أمراضهم نهائيا، وكان الجنرال قد أوعز لبعض المستشارين البلديين بتزكية زعيم حركة إيرا الحقوقية ” برام الداه اعبيدي ” لكي يتمكن من المشاركة في المهزلة الإنتخابية الماضية حينما امتنعت المعارضة الديمقراطية في الدخول في هذه المسرحية ، وكان يهدف من وراء ذلك لإيجاد من يضفي عليه شرعية انتخابية يبدو أنه لم يحصل عليها لحد الآن والدليل أنه في كل خطاباته أثناء تلك الإنتخابات كانت موجهة للمعارضة المقاطعة دون أن يهتم بمن يفترض أنهم خصومه الحقيقيون.

وبالعودة إلى المنظمات الحقوقية وما تحدثه من حراك اجتماعي متزايد نذكر ما بات يعرف ” بوثيقة  الحقوق السياسية والإجتماعية والإقتصادية لشريحة لِحْراَطِينْ “ التي وقعت عليها شخصيات وازنة من هذه الشريحة ونظمت على إثرها مسيرة كبيرة كنوع من التأكيد على المطالب الواردة في هذه الوثقية التي رأت أنها تشكل مخرجا من الإحتقان الإجتماعي المتزايد وقد شارك في هذه المسيرة مختلف مكونات الشعب الموريتاني و أحزاب المعارضة الديمقراطية باستثناء الحزب الحاكم الذي سعى جاهدا لإفشالها في اللحظات الأخيرة ، نفس النهج تبناه ” حِرَاك لِمْعَلْمِينْ ” حيث أصدر وثيقة  بعنوان ” الوثيقة المطلبية لشريحة لِمْعَلْمِينْ ) تتضمن ما يرونه السبيل لنيلهم لحقوقهم كمواطنين يستحقون مكانتهم اللائقة خصوصا مع الدور التاريخي الذي لعبوه في سبيل الإستقلال السياسي لموريتانيا، وتتضمن هذه الوثيقة عدة محاور ” محور اجتماعي، و سياسي واقتصادي ، و المحور الثقاقي ثم أخيرا المحور المهني ” وتتضمن كل هذه المحاور توصيفا للمشاكل التي يعانون منها و الحلول المقترحة لمعالجتها.

وعلى العموم تبقى موريتانيا في موجهة تحديات اجتماعية جمة ، وتزيد نسبة هذه التحديات و المخاطر الممكن أن تحدث في المستقبل خصوصا في ظل حكم نظام عسكري قمعي يقوم على المحاباة والفساد وتقديم الوظائف والتعيينات على أساس قبلي وجهوي وعلى أساس الولاء السياسي مقابل إقصاء كل من يعترض على سياساته الإقتصادية غير المدروسة خاصة في مجال الصفقات العمومية التي بات المستفيد الوحيد منها هم أقرباء الرئيس والمقربين سياسيا منه والنتيجة دائما هو الفشل الذي يظهر في هذه الصفقات بسرعة فائقة و أقرب مثال على ذلك صفقة المولدات الكهربائية التي اقتنيت لتزويد العاصمة بالكهرباء إلا أنه تم اقتناء مولدات قديمة تعطل نصفها في أول تشغيل لها وغيرها كثير ليس هذا مقامه، ونتيجة للمحاباة و ضعف الوعي الإجتماعي والخطابات الشعبوية التي يرسم فيها الجنرال مستقبلا ورديا للشعب تظل كل تلك التحديات موجودة دون حل ويبقى الفقراء في القاع على أمل تحقيق أحلام من سراب.

من هم المسلمون المستضعفون سيدي الإمام ؟

منبر

و أنت تصغي لخطبة صلاة الجمعة وبالتحديد للدعاء في نهايتها ستندهش كثيرا من خلط الكثير من المسائل التي لا يجب خلطها بالمطلق، ربما يكون ذلك عائد لعدم فهم أئمتنا للأمور السياسية المعقدة في العالم الإسلامي، هم فقط يرمون بيضهم في سلة واحدة، كل ما يحدث مؤامرة دبرها الأمريكان والصهاينة ضد الاسلام – قاعدة مسلم بها – وربما هو عائد من ناحية أخرى لثقافتهم السطحية التي لاتعدو حفظ أسطر قليلة و أبيات شعرية يغلب في ظني عدم معرفتهم لقائلها أصلا.
يختم أحدهم خطبته قائلا ( اللهم دمّر فرنسا، أمريكا و الدنمارك ودمر الغرب جميعا) هو طبعا لا يدرك عن جهل كم المسلمين الكثير الذي يصل في بعض الدول لتعداد يفوق عدد سكان دولة مسلمة مثل موريتانيا (عدد المسلمين في فرنسا 5-8 مليون حسب ويكيبيديا بينما عدد سكان موريتانيا 3,5 مليون حسب آخر إحصاء ) ، والغريب أن المسلمين لجأوا لتلك الدول حين ضُيق عليهم في بلدانهم المسلمة ، ولكن بلدانهم تلك بها من الفساد والظلم والتهميش وكل ما يمكن أن تجود به مخيلتك من أنواع القهر والتخلف الشيء الكثير.
لكن وفي هذه الظرفية الصعبة والمتداخلة الأحداث قد يبرز لك إمام آخر يظن في نفسه أنه المهدي المنظر، ويبدأ خطبته العصماء ويختمها دون أن تشعر أنك دخلت مسجدا أساسا، فقط ستنتبه في الأخير أنك أمام شخص يكن من البغض والكره الشيء الكثير لكل ما هو مختلف عنه، فيختم قائلا، اللهم انصر المسلمين في كل مكان – هذه عبارة مبهمة ويمكن السكوت عليها – لأن المسلمون مستضعفون في أماكن شتى من العالم و من الجائز أن ندعوا الله لنصرتهم وخير مثال على ذلك سكان غزة الذين يرزحون تحت القصف يوميا بفعل الآلة الإسرائيلية الهمجية ، إذا مظلومون ومحاصرون وسنأمن لك إن أنت دعوت لهم، لكن – وهنا الفيصل – حين تقول : اللهم انصر المسلمين في العراق سنختلف ، وحين تقول أيصا في سورية سنختلف كذلك ، أما أن تقول في مصر فهو محل الإختلاف بلا منازع. هناك عوطف ممزوجة بالآراء السياسية لن نقبل لك سيدي الإمام أن تستغبينا فيها، إن أنت تراهم كذلك فادع لهم متى و أني شئت، لكن لا تطلب منا ذلك وأنت لا تدري موقفنا من الأمر، ففي العراق جماعة إرهابية تقطع وتحرق وتهجر باسم الدين وهذه يستحيل أن نسايرك في اعتبراها جماعة مستضعفة يجب الدعاء لها، أما في سورية فهي كذلك جماعات متناحرة بين القاعدة وداعش من أجل حلم دولة الخلافة الإسلامية الذي لا يمكن أن يتحقق إلا في مخيلة أصحابه ، سأوافقك إن دعوت من أجل نصرة ” الجيش الحر ” ضد نظام بشار ” البراميل” ، لكن لا تطلب مني غير ذلك، أما في مصر ، فصحيح أن ما حدث هناك إنقلاب أزاح حزبا أو جماعة نجحت باستحقاق في انتخابات مشهودة ، لكن لا يمكنني أن أعتبر ذلك صراع بين مسلمين مستضعفين وجماعة من الكفار تريد إبادتهم ، فالأمر لا يعدو كونه صراعا سياسيا بين فصيلين أحدهم يأخذ الدين الإسلامي كعباءة يستتر تحتها أو مطية لتحقيق أهدافه، بينما الثاني نظام عسكري انقلابي يمثل الدولة العميقة التي ترى الجماعة خطر عليها.
نعم يجب الوقوف مع المستضعفين مهما كانت دياناتهم ومواقفهم السياسية و ألوانهم ومناطقهم بل وقاراتهم وحتى هواياتهم الشخصية ، ذلك هو الإنسان السليم الذي يتألم لكل إنسان مظلوم مثله فقط دون النظر إلى أي شيئ آخر.

بين دينين !

السلام والتعايش

هل نحن في طريقنا ” للدوعشة ” ؟ ،  أم نحن بصدد صناعة دينين جديدين دين الشعب ودين الغوغاء ؟ ، بالمختصر المفيد هل سنصبح بين دينين ؟

دين الذبح ، قطع الرأس أو قطع الأيدي ، أو أحد أعضاءك التي وهبك الله دون سؤال أحد ، لكن قبل ذلك كيف أصبحنا نتساءل ونتخوف ممن يهددوننا في ديننا أو لنقل في حياتنا بشكل عام ؟

الدين الإسلامي لمن لا يعرفه هو دين التسامح والحرية واحترام الآخر ، دين يكفل لك معتقدك وتوجهك ،  دين يسمح لك بأن تعيش حياتك كما تريد.
هذه التساؤلات الغربية في نظر البعض والمشروعة تماما في نظري ألحت علي وأنا أشاهد بين الفينة والأخرى صور الذبح والتقتيل والتهجير باسم الدين ، وأي دين يقبل بهكذا أفعال ، سوى أن يكون دين الغوغاء ؟. العراق ، سورية ، ومناطق أخرى كثيرة أنبتت رؤوس الشياطين ، شياطين الدم الذي سال دون رحمة ، فقط ليتلذذ به بعض المنحرفين ” الشواذ ” .
دعوني أسقط هذه الظاهرة على بلدي موريتانيا ، في نهاية سنة 2003 عمد الدكتاتور السابق معاوية ولد سيد احمد الطائع إلى إغلاق المعهد السعودي بحجة أنه صار مهدا لتخريج دفعات من الإرهابيين أو لنقل المتشددين الجدد ، أغلق المعهد ، وبعد سنوات بدأنا نكتوي بنار القاعدة ، ثم جماعات دينية رجعية ، وبعد ذلك أصبح أئمة المساجد يميلون أكثر للنموذج السعودي ” هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” ، والحقيقة أن المطالبة بهذه الهيئة المثيرة للجدل والتي ستكون الرقيب عليك بدل ذاتك ، بدل ضميرك ليست الا تعبيرا عن النظرة الأبوية القديمة التي تقول بقصورنا العقلي والديني والحاجة الماسة الى توجيهنا كحيوانات برية شديدة الخطورة.
الدين لله، بالمفهوم المبسط ، فقد خيرنا بعد أن تم ايضاح كل شيء ” من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ” أ بعد ذلك تنصب علينا هيئة لترينا كيف نتصرف ؟
المنكر الذين يريدون مراقبتنا كي لا نقع فيه هو ببساطة ما يقوم به ساستنا ، من نهب لثرواتنا و قتل للفقراء بإفقارهم.

اما اولئك الذين يريدون النموذج السعودي فهم يشتركون في عملية القتل البطيئة هذه ، بسكوتهم بل واشتراكهم المباشر في سرقة أموال الفقراء وتلميعهم لصورة الدكتاتور ليراه الفقراء الحاكم بأمر الله .

Image

موريتانيا : المعضلة الإجتماعية

au-congrès-americain
قضايا كثيرة متداخلة ومتشابكة حد التمازج أفرزتها التركيبة الإجتماعية الموريتانية ، تلكم هي الوضعية الإجتماعية المعقدة التي تطبع النسيج الإجتماعي الموريتاني، مكونات زنجية ثلاث على اختلافها، ومكون عربي ، و آخر لا يزال يبحث عن هويته معروف باسم ” لحراطين ” و إن سعى الكثير من الكتاب المعروفين محليا ب ” البيضان ” أي الأشخاص ذوي البشرة البيضاء مقارنة ببقية المكونات، سعوا إلى الحاقهم بالمكون العربي بحكم لسانهم العربي رغم البشرة القمحية ، إلا أنه في الفترة الأخيرة و مع تنامي بعض الحركات الحقوقية برز تيار ينادي بهوية خاصة بهم و إن كان هذا المطلب لا يأتي في مقدمة اهتمامات هذه الفئة، بل يستحوذ موضوع العبودية و مخلفاتها بال المدافعين عن حقوق الإنسان ومن هؤلاء المناضل الحقوقي (برام ولد الداه ولد اعبيدي) الذي نال في السنة الماضية جائزة الخط الأمامي للمدافعين عن حقوق الإنسان مناصفة ، كما أنه ألقى قبل يومين خطابا أمام الكونكرس الأمريكي عن حالة حقوق الإنسان في موريتانيا، حيث كشف من خلاله عن أوضاع وصفها بالمزرية يعيشها أبناء العبيد السابقين ” لحراطين ” تتمثل في تهميشهم على مستوى الوظائف السامية في الجيش وكذا في المناصب الإدارية المهمة في الدولة ، وكشف كذلك عن أنه لا يزال بعض المتنفذين في إحدى الولايات (المحافظات) النائية شرق موريتانيا يستطيع أن يخصي ” عبده” إذا ما كان جميلا بحيث يفتن السيدات النبيلات على حد وصفه، ويمكن لهذا السيد أن يضاجع ” أمته ” التي هي من متاعه حسب ما يرى أن الشريعة الإسلامية تكفله له، أوضاع أخرى كثيرة كشف عنها في هذا الخطاب لا تزال تلقى بظلالها على تماسك المجتمع الموريتاني الذي شهد حراكا عميقا خصوصا مع ظهور وسائل التواصل الإجتماعي و استخدامها للكشف عن الكثير من الإنتهاكات التي كانت تتم التعمية عليها و دفنها في أدراج المكاتب ما إن يحاول الضحية فيها عرضها على الجهات المعنية.

في البدأ

كثيرة هي الصور، كثيرة هي الأحداث التي تحاصرني من كل جانب، ولما علمت بهذه الفرصة حيث ستتيح لي فضاء أرحب سارعت إلى استغلالها لعل ما ينعكس في مرآتي الصغيرة يصل للعالم عبر هذه البوابة الجميلة.

مدونتي هذه ستكون ميدانا ألكترونيا لكل ما تلتقطه عدستي الحرة ، لكل ما تجود به قريحتي علي من مواضيع ، وسيكون في شكل مقالات سياسية ، مواضيع اجتماعية حقوق انسان، خواطر، وفيديوهات ، ببساطة  سأسعى جاهدا لتعيشوا معي واقعي، مؤلما كان أو ممتعا.

أخيرا أريد التنويه أنها لن تكون أحداثا في مدينة نواكشوط وحدها ، بل كل ما يجري في موريتانيا بشكل عام.

أتمنى من كل قلبي أن تكون تجربة نستفيد منها جميعا

هكذا أريد لمدونتي ” صورة انواكشوط في مرآتي”