” فيليب ألستون ” و الحقيقة المرة

فيليب ألستون المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان  بالأمم المتحدة
فيليب ألستون المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان بالأمم المتحدة

شماعة التدخل الخارجي ، المحاولة الدائمة لتهديد الوحدة الوطنية ، وحدتنا التي يحسدنا عليها العالم كله، وحدتنا التي تساوينا جميعا أمام القانون، التي تجعلنا جميعا متساوون في الولوج للوظيفة المرموقة في الدولة، في الجيش في القضاء في عالم المال والأعمال ، في الإدارة ، في الوزارة في المؤسسات العمومية جميعها ، تلك المساواة التي قلما يزورنا موفد خارجي أممي إلا وحسدنا عليها، بل وشكر  مغتصبي السلطة عليها، ألسنا نحن محور العالم ! ليس غريبا إذا أبدا أن نكون محور حديث العالم! بل إن تكالبه علينا عائد  لمكانتنا المرموقة في مجال حقوق الإنسان ، أليست شرطتنا وقواتنا الباسلة توزع الهدايا في الشارع العام   على المتظاهرين ، أليست هي التي تحيطنا بطوق أمني خوفا علينا من تربص أعداء حقنا الطبيعي في التظاهر.

لماذا نستغرب كل هذا الإهتمام إذا ؟! أصبحنا نعرف الجواب من الفقرة أعلاه على ما أظن، أَلَيْسَ ”  فيليب ألستون” من بين كل أولائك الذين تفاجؤوا وهو القادم  من حيث القمع والتضييق على الحريات وغمط الناس حقوقهم في دولته التي يفترض أن له فيها حقوقا كباقي بني البشر ، السيد ”  فيليب ألستون”  ربما يكون يهوديا (الماسوني المجرم كما أطلق عليه أحد مواقعنا الألكترونية  )، لا يريد خيرا ” للجمهورية الإسلامية الموريتانية  ” كغيره من اليهود الذين يدعمون ” حركة إيرا ”  ومنظمة النساء معيلات الأسر ، وغيرهما كثير من منظمات المجتمع المدني، أليست موريتانيا زيادة على كل ما سبق أرض ” المنارة والرباط ” أرض العلم والعلماء ”  ؟؟!!

زار  فليب ألستون المقرر الأممي الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان موريتانيا ، والغريب في الأمر أن ما لاحظه في إحدى عشر  يوما لم تستطع أنظمة الحكم العسكرية المتعاقبة ملاحظته طيلة ما مضى من عمر الدولة الموريتانية ، لم تستطع ملاحظة كم الغبن الفاحش  ولا  مستوى  الفقر  المدقع الذي تعيشه إحدى أهم فئات هذا الشعب ، بل إن ملف حقوق الإنسان المتردي لم ينل هو الآخر حظه من التذكر، اللهم إن كان من ناحية التعمية والتعتيم الممنهجين. والحقيقة أن البعض إن لم يكن الكل لا يريد مواجهة الحقيقة ويصر على نكرانها تماما كما فعلت ” رابطة الصحفيين الموريتانيين ” الذين لم يبذلوا جهدا ولو قليلا لتفحص الحقائق وبادروا إلى استنكار البيان و إفراغه من مضمونه، بل وفي تناقض صارخ سمحت لهم ضمائرهم – النقية – السماح   ” لنقابة الصحفيين العرب ” التدخل في أمور لا تعنيها وانتقاد تقرير ” ألستون ” ، لكن  ” المتربصين بنا شرا ” لا ينافقون ولا يملكون رابطة للحلحة  ولا  للتصفيق .

دعونا نلقي نظرة بسيطة جدا على إحدى أهم النقاط التي أوردها ” المقرر المنحاز ”  في بيانه الأولي، إنها ما سماه ” الإقصاء ” ويقول في هذه النقطة (  تجدر الإشارة إلى وجود غياب منهجي للحراطين والموريتانيين السود في جميع مواقع السلطة الحقيقية وفي العديد من  جوانب الحياة الإقتصادية و الإجتماعية …. لكن تعمل مختلف السياسات على حجب احتياجاتهم وحقوقهم ، وما انفك المسؤولون يؤكدون أن لا وجود للتمييز في موريتانيا  وخاصة التمييز القائم  على  العرق أو العنصر  أو الأصل …إلخ ) انتهى الإستشهاد.

لنراجع الجمل قليلا ، غياب منهجي ” للحراطين ” و حجب حقوقهم واحتياجاتهم، أليس ذلك موجودا!، لم لا نكون شجعانا ونعترف بالواقع  لم نهرب للأمام دائما ونلقي التهم جزافا . يصرخ أحدهم وهو  شاخص بناظريه  صوب  تلفزيون ” الموريتانية ” المُمْرِضْ ، أين لحراطين ، أليسوا ضمن الوزراء، ألا يوجد إلا وزيرا واحدا  أو اثنين  فقط ؟! ، أليست دولتنا ومن حقنا المشاركة في تسييرها، يجيبه وطني شريف  محافظ على اللحمة الوطنية والسلم الأهلي ، ( بياض العين وسوادها لا ينفصلان ، دعك من هذه العنصرية ) فنحن متساويان ، لكنه يرد، إذا كنا كذلك فلم لا نتساوى في المناصب العليا وفي الإدارات المهمة؟ لكن الجواب جاهز على الدوام ، اتهامات بالعنصرية و ارتماء في حضن الغرب الكافر ” والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ” وهكذا دواليك، إذا ابقوا في فقركم و  دونيتكم وارضوا بما أنتم فيه فهذا قضاء الله وقدره.

يرى الكثير من المهتمين أن ما تطالب به الفئات المهمشة عبارة عن محاصصة وهي مسألة سيكون من غير السليم اللجوء إليها لأنها ستقسم موريتانيا و تجعلها مثل ” دولة لبنان ” التي يتقاسمها طوائف المسيحيون والسنة والشيعة ، والحقيقة أن الخوف من هذا النوع من تقاسم المناصب يجب أن يدفع لإيجاد حل يرضي كل فئات المجتمع الموريتاني حتى لا يشعر البعض بالغبن ويدفعه الظلم الواقع عليه للمطالبة بأي شيء حتى ولو كان المحاصصة، ويطرح حل ” التمييز الإيجابي ” كمخرج لمعالجة هذه الإختلالات التي لاشك في طريقها للتفاقم و ” بلسم ” ( بياض العين وسوادها ، ونحن مسلمون جميعا ) لم يحل في الماضي دون حدوث ما جرى ولا يبدو أنه حل نافع ناجع في المستقبل.

مواجهة التحديات ليست مسألة يتم التلاعب فيها بالعبارات ولا بالكلمات العاطفية، خاصة إن كانت تحديات مجتمعية مزمنة آخذة في التفاقم، وإن كان في الماضي يتم التعامل معها بنوع من اللامبالاة أو بالتهدئة أحيانا، فيبدو أن ذلك لم يعد قابلا للتطبيق الآن خاصة في ظل شمولية وشيوع وسائل التواصل الإجتماعي التي يتساوى فيها الجميع وما ينجم عن ذلك من شحن و تهييج للمجتمع مما أصبح بناء عليه من الضروري جدا إيجاد حل ما لسدّ الباب على قلاقل أراها قريبة و ذلك بحلولٍ تشعر فيها كل مكونات المجتمع بأنها تعيش في دولة القانون والمساواة بعيدا عن المحسوبية والوجاهة  والقبلية المقيتة.

 

 

 

 

تعليقا على أرقام خطاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز في النعمة و لقاء مستشاره ولد أحمد دامو على قناة الوطنية

تناول الجنرال محمد ولد عبد العزيز في خطاب النعمة الكاذب أن موريتانيا بخير و أنها تتوفر على احتياطي يغطي 4.9 شهر بالإضافة إلى أن موريتانيا لا تعاني من أي أزمة، لكن ما تناولته في الفيديو من تعليق على هذا الخطاب حاولت من خلال التبيان بالأرقام والدليل زيف ما ذهب إليه محمد ولد عبد العزيزي.

كذلك تعليقا على الأرقام التي صرح بها ولد أحمد دامو مستشار الجنرال والذي افتخر كون دخل الفرد الموريتاني السنوي هو 1300 دولار والحقيقة أنه بإجراء عملية حساية بسيطة – كما في الفيديو – يتضح أن هذا المبلغ ضئيل جدا بالمقارنة مع دول الجوار والدول العربية حيث أن موريتانيا في أسفل الدول من حيث دخل الفرد.

 

بيان حركة 25 فبراير على مغالطات الدكتاتور محمد ولد عبد العزيز

شعار حركة 25 فبراير

خرج الجنرال الانقلابي اليوم في الثالث من مايو في مدينة النعمة ليظهر تعاسة الخطاب الديماغوجي العسكري البائس للجماهير، لاعبا على وتر التفرقة الاجتماعية، مسيئا للبلد كما كان يفعل في كل مرة، مخاتلا، متخابثا كما تعود

هذه المرة رشحت كلماته بما يبيته للدستور ـ دستوره وأسلافه من الطغاة العسكريين ـ فلم يقطع الشك باليقين عند البعض الذين كانوا ينتظرون منه ذلك ، وإن كنا غير متفاجئين بنواياه التي لم تخفها كلماته، فما الذي يمكن أن ننتظر من عسكري استمرأ طعم التسلط، وداس على الدستور والقانون من أول يوم قفز فيه على الحكم!!

ومجددا تلاعبه بالأرقام تلاعبه بالبلد نفسه، وصور “النعيم والرفاه” الذي يعيشه البلد في خياله مشيحا ببصره عن اللافتات المطلبية التي رفعت أمامه من طرف ساكنة الحوض الشرقي، والتي نكل جنوده بحامليها، وزجوا بهم في معتقلاته، رفقة شباب ماني شاري كزوال وناشطين من حركتنا هما سيد الطيب ولد المجتبى وسيد عبد الله ولد البخاري الذين اعتقلا منذ الأمس بسبب أنهما وزعا منشورات تعبوية لسكان الولاية تحثهم على الوعي بمشاكلهم وأهمية مقاطعة الزيارة الكرنفالية.

ومع ذلك لم يستح الجنرال من تقديم محاضرة مطولة عن الديمقراطية في الوقت الذي غصت فيه ساحة مفوضية النعمة بالمعتقلين والمعتقلات الذين عبر أغلبهم عن مطالب السكان والشعب الموريتاني!

وقد أبان الجنرال بكلمات مقززة عن معدنه العنصري بتكريره لخطابات بعض العنصريين خصوصا فيما يتعلق بتحميل لحراطين مسؤولية التخلف بالإنجاب بدلا من أن يتحمل مسؤولية ضرورة تدخل الدولة وحماية حقوق الأطفال، لأنهم في النهاية أبناء موريتانيا قبل أن يكونوا من أي شريحة!!

وقد اعترف جنرال المخدرات بوجودها المكثف في تناقض فاضح مع ادعائه بسيطرة السلطات على الأمن وحمايتها للأراضي الموريتانية، فمن أين تأتي هذه المخدرات ما دامت لا تزرع على الأراضي الموريتانية!!

وتبجح الجنرال بأن البلد كان ينفق مبالغ طائلة لاستيراد الألبان وسوف يتم توفيرها بعد إنشاء المصنع، فلماذا لم يتم إنجاز هذا المشروع رغم الوعد به من سنين!

استفاض في الحديث عن الحوار الذي يبدو أنه يعلم معارضيه مبادئه، ومع ذلك يستعرض نتائج هذا الحوار سلفا: إلغاء مجلس الشيوخ، واعتماد مجالس جهوية!!

إننا في حركة 25 فبراير:

ـ نعلن تعاطفنا مع أبناء شعبنا في النعمة الذين نكل بهم فقط لأنهم رفعوا مطالب مشروعة كحق الحصول على الماء ، أو خفض الأسعار

ـ نعتز بالتضحيات التي يقدمها نشطاؤنا في الحركة، أو التي يقدمها نشطاء الحملة المستقلة لماني شاري كزوال، ونعتبر أن ما يقومون به يمثل الشباب الموريتاني الطامح لتغيير جذري للوطن، وفي هذا الإطار نذكر باحترام حقوقهم التي تم دوسها وهم في المعتقل، حيث لم يتمكنوا من الاتصال بعائلاتهم وذويهم لأكثر من 24 ساعة!

ـ ندعو الشعب الموريتاني إلى الوقوف في وجه مشاريع الدكتاتورية التي تقبض على البلد، والتي لا تؤمن بالديمقراطية، ولا الحرية، مادام رأسها يعتبر المعارضين أعداء الوطن، ويقول بان الباب مسدود أمامهم، فما معنى الديمقراطية إذا لم يفتح الباب للتناوب السلمي على السلطة!

الحرية للمعتقلين!

الحرية لشعبنا!

المجد للشعب الموريتاني!

يسقط حكم العسكر!

————————

إقرأ أيضا

بيان حركة 25 فبراير حول قمع الشرطة لمظاهرة #مرجن_خاوي

الشرق الموريتاني يستعد لمهزلة مايو

رسم الفنان خالد مولاي إدريس
من رسومات الفنان خالد مولاي إدريس

لطالما كانت كل الزيارات التفقدية التي يقوم بها الرؤساء – ولا أتحدث عن موريتانيا التي لا تمتلك رئيسا بل عسكريا منقلبا – لطالما كانت من أجل الإطلاع على أحوال المواطنين، وأي أحوال يطلع عليها في الشرق الموريتاني،  يكفي أن تنظر إلى حال المركز لتعرف حال الأطراف ، أمراض و فساد، جوع وعطش ، أسعار مرتفعة و جيوب تنتفخ، هكذا فقط هو الحال لمن يريد أن ينظر إلى جسمه العاري دون أن يبحث عن ما يتدثر به من النفاق والكذب و الإنجازات الواهية.

إن المجتمع الموريتاني – المنافق بطبعه على سبيل التخصيص – مجتمع يجتر الإهانات والمآسي في سبيل جنرالات همهم الوحيد هو الإستيلاء على كل مقدرات الدولة الموريتانية، مستخدمين في ذلك مجموعة من الببغاوات التي تجيد التقليد القبيح والتصريح المشين، ولا تدري – أو ربما تدري – أننا نلعنها في سرنا وفي جهرنا ، شخصيات همها الوحيد تكريس الفشل الذي يطبع أغلب مناحي الحياة في هذه الدولة المبتلاة بأمثالهم.

كنت حينذاك فتا يافعا حينما زارنا معاوية ولد سيد احمد الطايع ، وكانت الظروف الإقتصادية صعبة ساعتها ، و حري بالقائمين على شؤوننا في تلك الفترة أن يظهروا مدى صعوبة الحياة و عدم وجود أي نشاطات اقتصادية مدرة للدخل من أجل تغيير حياتنا للأحسن، لكن ما حدث هو العكس تماما، حيث حرصوا بإخلاص على عدم إظهار أي قصور من الناحية المظهرية وتم تشييد منصة للزائر و طلاء المنازل المجاورة وتنظيف المدينة التي لم تنظف قط من قبل، وصل معاوية وبدأ الصراع حول من سيدخل عليه و احتدم الصراع وانفعل آخرون و في النهاية كان أبرز مطالب أهم الشخصيات التي قابلت معاوية هو ترشيحه من طرف الحزب الجمهوري لمنصب بلدية المدينة وكان له ذلك. تصوروا معي مدى فداحة مطالب سكان مدينة ينهشها الفقر والعوز المادي ساعتها.

———–

إقرأ أيضا : زيارات الجنرال … مشهد من فلم طباخ الريس !

تذكرت هذه الأحداث  حينما بدا يتراءى أمامي سيل من السيارات والأشخاص يتوجهون إلى الشرق الموريتاني مرددين عبارة هي أكره شيء سمعته في القاموس السياسي التعيس لمنافقي ومتملقي النظام ، ألا وهو عبارة ( إنجاح زيارة – الجنرال-  ) ، أي إنجاح  و أي زيارة أيها المتخلفون، الجنرال ومقربيه سرقوا أموالكم ولا يزالون يفعلون ذلك، أي إنجاح وأنتم الذين يخنقكم العطش صباحا ومساء، أي إنجاح والدولة الموريتانية تنهشها عصابة حولت خيراتها إلى حسابات خارجية ككل الأنظمة العسكرية الإنقلابية في التاريخ كما يقول ” نيكولاس شاكسون ” مؤلف كتاب ( مافيا إخفاء الأموال المنــهوبة ) أو كما جاء بصيغة أخرى في كتاب (الفساد سبيلا للاستيلاء على السطلة و الحفاظ عليها) لمؤلفيه بروس بيونو دو مسقيتا والستير سميث، وهما كتابين يغوصان في نفسيات القادة العسكريين المستبدين الذين يحولون أموال دولهم إلى حسابات خاصة خارجية.

إن موريتانيا التي سلمتها فرنسا طواعية سنة 1960 لشخصيات موريتانية تابعة لها تعرف العديد من القلاقل والفوضى لم تستطع لحد الساعة التغلب عليها بل ظلت تتعاظم وتتفاقم إلى أن وصلت لأوجها نهاية الثمانينات فيما يعرف بأحداث 1989 وهي أحداث يسأل عنها العسكر الذين أمسكوا بالسلطة خلف معاوية ولد سيد احمد الطائع وزبانيته.

إن كل هذا الفشل المتراكم والذي نتج عن عدم قدرة القادة العسكريين المتعاقبين ضيقي الأفق وبالتحالف مع زعماء القبائل التقليديين المتخلفين على إدارة الدولة الموريتانية بعدل هو ما حدى بنا إلى البقاء في المربع الأول حيث نتحدث عن إنجاح الزيارات و الحشد لها وتبديد أموال الدولة في سبيل أشخاص يجب أن يستقبلوا بالضرب على القفا حتى يعودوا من حيث أتوا وأنتم أدرى بذلك.

وبالمحصلة يمكننا القول  إن تحالفا شيطانيا بين العسكر وشيوخ القبائل يعرف بالدولة العميقة هو المستفيد فقط من الزيارات الكرنفالية التي لا تزيد الأمور إلا تأزما ، و أن الدولة التي يحكمها شيوخ القبائل القابعون في الصالونات و الذين يستشارون في أمور تخص مجتمعا غير متجانس ينظرون إليه نظرتهم إلى قبائلهم وأسرهم لا يمكن أن يتقدم ولا أن يتطور، ودعوني هنا أقول أنه لا يمكن فصل قضية ” لحراطين ” التي يعرف القاصي والداني كيف يصرح تجاهها الشيوخ التقليديين في بيوتهم المغلقة والتي تتسرب إلى العلن  بين الفينة والأخرى، لا يمكن فصلها عن الفشل الأخلاقي و موت الضمير الذي يعانون منه.

إن مجتمعا هشا كالمجتمع الموريتاني حري به الإتجاه أولا صوب معالجة الإختلالات البنيوية التي تطبعه وتوجيه مقدرات الدولة الموريتانية لأجل ذلك بدل تبديدها في زيارات غبية الضرر الناجم عنها اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا  أكثر من الفائدة المترتبة عليها وما تقوم به المجموعات القبلية والجهوية من حشد  وإنفاق في غير حق لا يعدو كونه فشلا أخلاقيا ذريعا لموريتانيا.

 

 

إشاعةالوهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم !

إموريتانيا

يصف الروائي الإيطالي من أصل كوبي  ” إيتالو كالفينو  ” المحن التي تكمن بانتظار من يصلون إلى السلطة – فيقول <<  بمجرد أن يتم تتويجك ، فإن العرش هو الكرسي الذي عليك أن تظل جالسا عليه، ليل نهار ، دونما حركة. ظلت حياتك السابقة برمتها فترة انتظار لحين أن تصبح ملكا. والآن ، وقد أصبحت ملكا فما عليك إلا تولي السلطة، وما تولي السلطة إن لم يكن هو هذا الإنتظار الطويل ؟ انتظار اللحظة التي سيتم فيها الإطاحة بك ويكون عليك توديع العرش والصولجان والتاج و رأسك >> ( دليل الإستبداد والمستبدين لكل من “بروس بيونو ” و ” ألستر سميث ” الصفحة 75- البقاء في السلطة )

من هنا بدأت التساؤلات تدور رأس الجنرال  ، كيف يحافظ على العرش على الملك الذي يعتبره إرثه من سلفه الإنقلابيين و جوابا على هذه التساؤلات استنتج ” إشاعة الوهم “،

قصة الوهم قصة طريفة وجميلة. الطريف فيها أنها قصة مكشوفة من البداية، إنها عادة سلاح المفلس، لست هنا بصدد تفكيك كلمة مفلس أو إعطائها معاني متعددة ، لأنها حين تتعلق بشخص واحد تتراكم فيها كل المعاني المحتملة، بل لنقل كل المعاني التي تحمل شحنة سلبية مضاعفة،

دهس الجنرال الدستور والحقيقة أنها تركة متوارثة ولو أنه لم يتحملها لكان  ” شذ ” عن سابقيه– لا أطلب هنا التمعن ولا إعطاء كلمة “شذّ ” معان أو مدلولات أخرى. والذي يكسب الجنرال علامة استحقاقية زيادة هو قدرته على أن يأتي بما لم يأت به سلفه ، والحقيقة أنه سنَّ لنفسه نهجا جديدا يتركز على إشاعة الوهم، والمؤسف أنه ليس وهما وانتيهنا، بل هو  وهم متجدد حسب الضرورة ، أي ضرورة.

قال الجنرال ذات لقاء لما كانت مرحلة إشاعة الوهم في بدايتها أنه ” انقلب على الدستور ” من أجل محاربة الفساد ، فلتحاولوا التحرر ولو قليلا  من تصريحات الجنرال المتتالية ، لنفكر قليلا  خارج القالب الذي يحاول  ولد اجاي وضعنا فيه، لنفكر ونحن نضع نصب أعيننا فضيحة شركة  ” كينروستازيازت  ” و المتورطين فيها ومدى قربهم من الجنرال ، ويجب ألا ننسى في خضم تفكيرنا أين كانت أجهزة الجنرال الرقابية عن أمين عام وزارة الداخلية، لن ينحصر تفكيركم أبدا في هتين القضيتين ، فإفلاس المؤسسات العامة أيضا مسألة لا تحتاج لدليل، بل إن تأخر رواتب  الأساتذة العَقْدَوِيون أيضا والذين صرف لهم  مرتب شهران من أصل أربعة أشهر  دليل آخر على إفلاس الجنرال، هل نسيتم أيضا كيف بيع ” السنوسي ” ؟ بالتأكيد لن تنسوا. 

افتخر الجنرال كثير بما يسميه ” الإحتياطي النقدي لدي البنك المركزي “، كان ذلك في ما يسميه لقاء الشعب 2012، أي لقاء الوهم، ذلك الذي حاول جاهدا من خلاله أن يبدو علميا ومنطقيا و دقيقا عبر  أرقام قال إنها تعبر  عن حالة اقتصاد كان  ذلك اللقاء مؤشرا على بداية تدهوره (أعني الإقتصاد الوطني ) فمن ساعتها بدأت رحلة السقوط الحر لإحتياطيه الذي لم ولن ينعكس على أرض الواقع،

لقد قال  أحد بيادق الجنرال  عزيز  في أحد لقاءاته أن صفقات التراضي لم تعد موجودة ، فهل أذكركم بصفقة بناء مطار نواكشوط ” المتأخر والمتعثر ”  وهلم جراً،

محاولات  إشاعة الوهم كثير ة ولم تقتصر على مجال دون آخر ، لقد أوهم المواطنين – السذج – أنه سيحارب الفقر  والفساد  والمحسوبية و أشياء كثيرة ، لقد هاجم الشيوخ التقليديين – و هم جديرون بالمهاجمة – لكنه عاد لحضنهم ، هاجم التجار – وهم جديرون بالمهاجمة – وعاد لحضنهم ، لقد حاول أن ينصب نفسه الرجل المصلح وهو ” المفسد ” ولقد قال المهتمون ساعتها أن أي انقلابي لابد أن يحمل مشعلا مضيئا، أن يضغط على جرح معاناة الفقراء ولكن ذلك لن يفيد، لقد اتضح كل شيء ، إلا لأولئك  الذين لا يزالون غارقين في الوهم.

لقد حاول الجنرال عزيز أن يوهم حتى المراقبين الخارجيين أن المجتمع الموريتاني بنية واحدة وأنه لا توجد فيه مظالم و أن العدالة الإجتماعية هي السائدة، لكنه يناقض نفسه حين يسن قوانين لمحاربة العبودية التي يقول إنها غير موجودة ، ثم ينشئ لها وكالة تهتم ب ” مخلفاتها ” ويعتقل المدافعين عنها لأسباب واهية.

لقد انتقلت إشاعة الوهم من الرأس وانتقلت إلى باقي الجسم المنهك و المتعب، وبالتأكيد ستكون البداية من الرقبة لأنها مرتبطة بالرأس حيث يتم ابتلاع الأموال العمومية ، انتقلت إلى – ولد اجاي – الذي قال يوما في تعبير صارخ عن ” وهمه ” أثناء تعليقه على أزمة ارتفاع الأسعار أن الأسعار هي ذاتها في فرنسا وليس من حقنا الإمتعاض من ارتفاعها غير المبرر، لا تنسوا أنه وزير اقتصاد ومالية. لكنه يجهل أن موريتانيا وفرنسا ليستا موضوعا  للمقارنة مطلقا، بل تستحيل تلك المقارنة في أي حال من الأحوال.

في الفصل الرابع من الكتاب سالف الذكر   تحت عنوان – اسرق الفقراء واعط الأغنياء –  يقول المؤلف << …. لكن بمجرد أن تفرغ خزائن الشركة أو الدولة بعد إنفاق الأموال على شراء ولاء الداعمين الأساسيين أو الإحتياطيين ، تواجه المسئولين  مشكلة إعادة ملئها ، في حالة فشل القائد في العثور على مصدر  موثوق للدخل سرعان ما سيقوم غيره بعرض جوائز على داعميه أكبر من تلك التي يستطيعها القائد >>

تصبحون على ثورة

بيان حركة 25 فبراير حول قمع الشرطة لمظاهرة #مرجن_خاوي

سيدي الطيب في المستشفى
الرفيق سيدي الطيب وهو في المستشفى بعد تعرضه لإصابة خطيرة بفعل همجية الشرطة

 

 

إصابة الرفيق محمد عبدو
صورة تظهر أثر الإصابة على ذراع الرفيق محمد عبدو

أطلقت حركة 25 فبراير حملة منذ ما يناهز الأسبوع تحت شعار “#مرجن_خاوي” تناولت فيها موضوع غلاء الأسعار الذي أصبح جحيما يحترق فيه المواطنون من ذوي الدخول المحدودة، والذين يشكلون غالبية الشعب الموريتاني.

تعرضت في هذه الحملة لكل جوانب الموضوع، وصوبت السهام إلى الجهة المسؤولة عن تفقير الموريتانيين، وفي اليوم العالمي لحماية المستهلك نظمت الحركة وقفة احتجاجية بين الإذاعة ومكتب البريد لتوصل رسالة رمزية أن معاناة الشعب قد وصلت أقصى حد لها، وهو اليوم الذي خلده النظام بمشاهد فلكلورية مضحكة من قبيل تدشين رأس النظام لإعدادية من فصلين في أكثر أحياء العاصمة فقرا، ومؤتمر صحفي نفى فيه الجنرال المخرب وجود أزمة اقتصادية في البلاد، وهو أمر فندته آلاف الشكاوى التي تقدم بها ساكنة تلك الأحياء.

ومثلما اعتادت الحركة في كل أنشطتها فإن السلمية كانت سلاحها الفعال، ورغم ذلك تدخلت قوات من شرطة النظام بشكل همجي لفض الوقفة مستخدمين أقسى أنواع التعذيب والعنف غير المبرر تجاه نشطاء أتوا ليعبروا عن احتجاجهم على الأوضاع المعيشية المرهقة لكاهل المواطنين.

الرفيق جمال وقد كسرت ذراعه بفعل همجية الشرطة القمعية
الرفيق جمال وقد كسرت ذراعه بفعل همجية الشرطة القمعية

وتم الاعتداء بعنف ووحشية على الناشط سيد الطيب ولد المجتبى بالضرب في أماكن قاتلة ليغمى عليه، وينقل للمستشفى.

وتم كسر ذراع الناشط جمال ولد حمود بهمجية.

كما اختطف أربعة نشطاء آخرين هم: محمد ول عبدو، سيد عبد الله ولد البخاري،  الشيخ عبد الله ولد مولاي، المصطفى ولد مولود ليرموا على شاطئ المحيط وينكل بهم من قبل أفراد القوة القمعية!

إنه نهج لا نستغربه من هذا النظام الذي اتسخت يداه بالفساد نهب الأموال العمومية للشعب الموريتاني، وولغ في دماء الشباب الموريتاني، وجوع الشعب وأصر على تربح سماسرته وأعوانه من معاناة المواطنين.

والغرض من هذا البيان هو إطلاع الرأي العام على حقيقة القمع الذي ينتهجه في حق أبناء هذا البلد، والذي يصور حجم اليأس والعزلة التي يعيشها بعد تهاوي كل شعاراته البراقة التي ما عادت تنطلي على أي مواطن!

وهذا القمع الذي يستهدف من خلاله تركيع الفعاليات الاحتجاجية كلها، وليس قمع حركة إيرا الوحشي بالأمس منا ببعيد، يعتبر هذا القمع آخر أوراق التوت التي يتستر بها على ضعفه وهشاشته.

إن رسائله وصلت، وسوف تصله رسائلنا في الأيام القابلة والتي لن تكون إلا بالعزم والإصرار على التشبث بالمطالب والحقوق بشكل سلمي.

يسقط نظامه القمع والتعذيب.

يسقط حكم العسكر.

المجد للشعب الموريتاني.

موريتانيا .. الضرائب والدعم

موريتانيا_-_البنك_الدولي

يتناول هذا الفيديو وجهة نظري المتعلقة
بالضرائب والدعم و ما يجب أن يقوم به أي نظام خاصة في دول العالم الثالث ، الدول
السائرة في طريق النمو أو الدول الفاشلة مثل موريتانيا.

وتعتبر الضرائب إحدى أهم الوسائل التي تدير
بها الحكومات الحالة الإقتصادية لدولها و يعتبر الدعم أيضا وهو الوجه الآخر
المعاكس للضرائب وسيلة أخرى يخفف بها العبء الإقتصادي عن  المواطنين.

إلا أن نظاما مثل نظام الجنرال محمد ولد
عبد العزيز يركز فقط على كم مليونا سيجنيه من الشعب لن يكون همه سوى الطريقة التي
يثقل بها كواهل المواطنين بالضرائب حتى يزيد المبلغ أو المبالغ التي سيقتطعها
لصالحه أو لصالح مقربيه.

قال الجنرال محمد ولد عبد العزيز مرة  أن الدولة الموريتانية لن تتحمل أوقية واحدة عن
المواطنين ومعروف أن آخر تقرير صادر عن الفاو 2015 وضع ما نسبته 71.3 من
الموريتانيين ضمن الفقراء الذين يجنون أقل من دولارين في اليوم ، فكيف لا يقوم
النظام بخطوات جادة للتخفيف عنهم خاصة أن من بين التسميات التي اختار الجنرال
لنفسه إسم ” رئيس الفقراء ” لكن الحقيقة هي أنه رئيسهم ليزيدهم فقرا على
فقر.

منذ يونيو 2014 و أسعار المحروقات عالميا
تشهد تراجعا حادا جدا ليصل أقل من 50 دولارا للبرميل ، ومنذ ذلك التاريخ  لم تعرف أسعار المحروقات في موريتانيا أي تراجع
أبدا ، على الرغم من أن دولا مجاورة والتي لطالما قارن النظام بها نفسه عمدت إلى
تخفيض أسعار المحروقات مثل المغرب والسنغال.

 

إن نظاما يحكمه عسكري متزمت يهدف لجمع أكبر
كم من الأموال عن طريق صفقات التراضي وبيع القطع الأرضية العمومية ذات الميزة
التجارية لمقربيه ليس البتة مهتما بما يعانيه المواطنين ، إن نظاما يقول قائده أن
الدولة ليست مستعدة لدعم أهم المواد الغذائية و الإستهلاكية فيه حري به أن يخجل من
نفسه وينزاح عن كواهلنا المثقلة بالديون.

ثمانية أيام في سجون الجنرال !

بلد ينزف

برغم كل الإهانة ، برغم كل ما تتعرضون له داخل زنزاناتكم ، إلا أنكم تبقون النور الذي يضيء لبقية الشباب درب النضال في سبيل إظهار مساوئ العسكر الكثيرة والتي لا يمكن أن تترك هكذا دون مواجهة.

يسجنونكم لأنكم قلتم إن المواكنين هم الهدف الأسمى ، هم من يجب أن توفر لهم الحماية من يجب أن يطلعوا على كل صغيرة وكبيرة في بلدهم، فما بالكم إن كان الامر يتعلق بوباء يحصد أرواح أناس أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم تحت رحمة نظام عسكري بائس ، يقوده جنرال قيل أنه يهتم بالتجارة أكثرة من إهتمامه بأي شيء آخر ، ولا غرو ، عسكري إنقلابي يتوقع في أي لحظة أن يهاجمه زميل له من الخلف ، سياسته الوحيدة هي تجميع كم أكبر من أموال الموريتانيين، وليست فضيحة الفساد المتعلقة بشكرة ” تازيازت موريتانيا ” التي تحقق  السلطات القضائية الامريكية فيها و يتهم فيها مقربون من الجنرال محمد ولد عبد العزيز إلا دليلا على صدقية ما يتهم به هذا الجنرال.

بلد

ثمانية أيام بلياليها تمر على خمسة (5) من نشطاء حملة الهاشتاق #بلد_ينزف وهم في السجن المركزي، لا ندري لحد الساعة لم تم توجيه تهم واهية في حقهم وهم الذي لم يقوموا بأكثر من إحتجاج سلمي أمام وزارة الصحة تنديد بفشلها في مواجهة الوباء الذي اعترفت هي بانتشاره في الرسالة المسربة التي بعث بها أمين عام الوزارة إلى ممثل منظة الصحة العالمية .

إن استمرار اعتقال النشطاء لن يكون إلا دافعا  للمواصلة في تعرية سلوك نظام دأب على تكميم كل من يفضح سياسته الفاشلة وليس استمرار اعتقال رئيس ” حركة إيرا الحقوقية ” ونائبه إلا مثالا آخر على تكميم الأفواه الذي يتبعه نظام الإنقلابي محمد ولد عبد العزيز.

في هذا الإطار كنت ضيفا على قناة المرابطون الخاصة للحديث عن  استمرار اعتقال النشطاء وما تعرضوا له من إهانة وتعذيب في سجن دار النعيم  كما تحدثت أيضا خلال المقابلة عن هاشتاق #بلد_ينزف  وتجدون المقابلة هنا.

 

حمى عرفات.. شاهِدْ من داخل مستوصف عرفات !

IMG_20151004_211118
صور ملتقطة من داخل مستوصف عرفات يوم الأحد التاسعة مساء

 

 

 

IMG_20151004_211043  IMG_20151005_073344

و أنا الآن أكتب هذه الحروف تجول في خاطري مشاهد شتى، ولا أعرف من أيها أبدأ ، لكن لإنتشار هذه الحمى بشكل بشع أود لو أعرج قليلا على ماضي قريب جدا، قبل شهر تقريبا أصيب كل أو جل أفراد العائلة بهذه الحمى وكنت شاهدا على ما عرفه مستشفى الصداقة من ازدحام وتدافع ، ثم إن المرضى ملقون في فناء الانتظار للحالات المستعجلة كما تلقى قناني الكوكاكولا أو علب السجائر في الشوارع.

الليلة الماضية جاء دوري من حمى عرفات، فضلت ألا أذهب البتة إلى مستشفى الصداقة فأنا أعرف الوضع هناك، ولقد وجدت من يثبت لي ذلك في مستوصف عرفات. في حدود الثامنة والنصف ذهبت إلى مستوصف عرفات فكانت الوضعية كالتالي:

تضاعف ثمن تذكرة الدخول إلى 300 أوقية بدل 20 أوقية ( مطبقة في كل المستوصفات)، صاحب التذاكر يجلس على بعد أمتار من قاعة الطبيب المناوب الوحيد و عندما تسأل عنه يتطوع أحد المواطنين ليدلك عليه، بدل أن يكون متواجدا في المكان المحدد، قلت له لما مد لي يده بالتذكرة، هل كلما كثرت الأمراض زدتم سعر تذكرة الدخول و هذا مستوصف وليس مستشفى كبير، أجاب بوجه عابس دون كلمة واحدة.

للأمانة كان الشاب المناوب في غاية اللباقة ، وصفت له الأعراض فكتب على الفور كلمات غير مقروءة في ورقة بيضاء ، وقال اشتري هذه الحقنة من عيادة المستوصف وانتظر دورك.

هنا مربط الفرص، هنا التوقيت الذي سأطلع فيه على بشاعة مستوصف عرفات، العيادة التي سنشتري منها الدواء في غرفة وسخة جدا وهي عبارة عن دولاب حديد قديم مفتوح على الدوام، فلا تحدثني بعدها عن وضع الأدوية في أماكن بدرجات حرارة ملائمة ولا أي من تلك الإجراءات المصاحبة لحفظ الأدوية، الغرفة بها أسرة ملقى عليها العديد من المرضى بحيث أن المريض يجلس عند رأسه مريض آخر في سباق مع بقية المرضى لكي يحجز السرير وبمجرد أن ينزل المريض الاول يحل الثاني مكانه، أعود و أكرر أن هذه القاعة الأولي والتي قضيت فترة بها أحاول فقط اقتناء الحقنة، وأشير إلى أن القاعة كانت تفوح منها رائحة نتنة جدا.

اقتنيت الحقن وبدأت البحث عن من يغرزها في جسمي الهش ساعتها، لكن المحزن حقا أنه في هذا المستوصف الذي يقع في عرفات حيث تنتشر الحمى، لا توجد به إلا ممرضة اجتماعية واحدة، وقد تحول وجهها بفعل هذه الوضعية إلى لوحة رخيصة متداخلة الألوان ، ومن السهل عليها توجيه عبارات نابية للمرضى كما حدث للستيني ( بعمر 60 سنة تقريبا ) الذي نهرته لما سألها إن كانت هي الممرضة.

انتقلت للغرفة الثانية لأحظى بسرير استلقي عليه ، وبدأت دوري من السباق وانتظار أن يفضى أحد الأسرّة ، وما إن رفع المريض قبلي جنبه حتى جلست مكانه. كانت هذه الغرفة كسابقتها تحتوى ثلاث أسرة فقط، وحتى هذه الأسرّة الثلاثة ملقا عليها بقايا الأدوية ( العلب الفارغة ، حافظات الحقن ، الكتّان و القفازات البلاستيكية ) ووصل الأمر لأن التصقت قطع الكتاب على الأسرّة ويمكن أن تلتصق بك إحداها إن لم تنظف (أنتَ المريض) السرير قبل الإستلقاء.

كانت الغرفة الثانية في غاية البشاعة (الفيديو والصور المرفقة ) بحيث تبدو أنها لم تكنس من يومين تقريبا ، علب الحقن تتدحرج أمام قدميك وأنت في طريقك للسرير كما لو كنت تضرب كرة قدم ضربا خفيفا، قنينة مياه معدنية صغيرة تحوي المعقم ممتلئة إلى الثلث موجودة فوق منضدة تبعد عني متر ونصف تقريبا ويمكن أن تنقلب و يسيل المعقم على أرض الغرفة المتسخة أصلا في أي لحظة.

هنا وللأمانة قد أجد مبررا للممرضة الإجتماعية المناوبة ( أشير هنا أنها لا تضع كمامة ولا قفازات أثناء المعالجة) ، فهي وحيدة في مواجهة أفواج مرضى لا يهدئون تنفر منهم روائح كريهة، فحتى مستشفى الصداقة بعرفات صار يقول صراحة للمواطنين اذهبوا لأماكن أخرى فليس لدينا مكانا لعلاجكم ، هذا ما رواه المرضى القادمون منه.

المسئولية هنا تتحملها وزارة الصحة وعلى رأسها الوزير الفاشل ” ولد جلفون ” و النظام العسكري الحاكم من وراءه، فهو نظام يبرع فقط في النهب (صحيفة لوموند الفرنسية)  في حين يموت مواطنيه وتتفشى بينهم الأوبئة والأمراض بسبب فشله المتواصل.

فيديو أعلق فيه على قاعدة بيانات البنك الدولي الخاصة بموريتانيا

bandicam 2015-10-03 11-18-38-307

يعرض البنك الدولي لكل الدول الأعضاء قاعدة بيانات توضح تطور الإقتصاد سلبا أو إيجابا ، ومن بين هذه الدول ” موريتانيا ” و أحاول في هذا الفيديو التعليق على المؤشرات الإقتصادية لموريتانيا كما تظهرها قاعدة بيانات البنك الدولي ، وسيكون هذا هو الفيديو الأول على أن تكون هناك فيديوهات أخرى لمواضيع أخرى في نفس الإطار .
لكن تظهر هذه المعطيات أو المؤشرات على العموم هشاشة الإقتصاد الموريتاني ، حيث إن أغلب المؤشرات كانت تنحوا منحى التراجع باستثناء مؤشر التجارة.
هذه الوضعية تتنافي مع التصريحات التي يدلي بها أعضاء الحكومة باستمرار من أن الإقتصاد الموريتاني في تحسن و أننا في مرحلة تظهر السياسة الرشيدة للجنرال محمد ولد عبد العزيز ووو…
ما على الموريتانيين فهمه هو أن اقتصاد يدار بالفساد والمحسوبية والرشوة لن يتطور وسيظل دوما في الحضيض.
متابعة ممتعة.
رابط الفيديو على قناتي في اليوتيوب من هنا